قصة الصليب والعثور عليه
بعد صلب المسيح وقيامته قام البعض من اليهود المتعصبين بردم قبر المخلص ودفن الصليب المقدس وصليبَي اللصَّين الآخرين اللذين كانا معه، لإخفاء معالم صليب ربنا يسوع، نظراًَ للمعجزات التي كانت تحدث هناك وبجوار القبر المقدس. فاختفى أثر الصليب مذ ذاك ولمدة تناهز ثلاثة قرون من الزمان.
وفي مطلع القرن الرابع الميلادي أراد قسطنطين الكبير (من ولادة صربيا، وهو إبن الإمبراطور قسطنطينوس الأول) أنْ يأخذ روما ويُصبح إمبراطور الغرب. شنَّ سنة 312 معركة ضد عدوه ماكسينـتيوس Maxentiusعلى مشارف المدينة بالقرب من نهر التايبر، وفي الليلة التي سبقت المعركة ظهر الصليب في السماء محاطاً بهذه الكلمات بأحرف بارزة من نور:
"بهذه العلامة تغلب".
كانت أم قسطنطين الملكة هيلانة مسيحية، لذا كان لدى قسطنطين معرفة مسبقة ومودَّة تجاه المسيحية، لكنَّه نفسه لم يكن مسيحياً آنذاك. فجعل راية الصليب تخفق على كل راية وعَلَم، وخاض المعركة وانتصر على عدوِّه. ولما أصبح قسطنطين إمبراطوراً على أوروبا باكملها، شرقاً وغرباً في 315-324 بعث الكنيسة من ظلمة الدياميس، وأمر بهدم معابد الأصنام وشيَّد مكانها الكنائس.
بعدها نذرت أمّه القديسة هيلانة أنْ تذهب إلى أورشليم لنوال بركة الأراضي المقدسة، بالقرب من جبل الجلجلة. فأمرت بتنقيب المكان، وتم العثور على 3 صلبان خشبية، ولما لم يستطيعوا تمييز صليب الرب، إقترح القديس كيرلِّس بطريرك أورشليم بأنْ يختبروا فاعلية الصليب، ولأجل ذلك أحضروا ميتاً ووضَعوا عليه أحد الصلبان فلم يحدث شيء، وضعوا الثاني ولم يحدث شيء أيضا، وعندما وضعوا الصليب الأخير قام الميت ومجَّد اللـه، وبذلك توصَّلوا إلى معرفة الصليب الحقيقي للسيد المسيح.
أما قصة شعلة النار التي نوقدها في عيد الصليب فأصلها أنْ كانت فِرقُ الجنود المكلفة بالبحث عن الصليب قد اتفقت على إشارة إضرام النار في حال وَجَدَت إحداها عود الصليب. وهكذا أضاءت المدينة كلها بوميض الشعلات ساعة إيجادها لعود الصليب، وكان ذلك اليوم هو الرابع عشر من ايلول، ولهذا السبب فإننا نحتفل بعيد الصليب بنفس هذا اليوم. كما وامر الملك قسطنطين ببناء كنيسة في نفس موضع الصليب على جبل الجلجلة، وسميت بكنيسة القيامة، (وتسمى باللغات الغربية بأسم كنيسة القبر ايضاً) وهي لا تزال موجودة الى يومنا هذا. (وقد عمل احتفال التدشين لمدة يومين متتاليين في 13 و 14 ايلول سنة 335 في نفس ايام اكتشاف الصليب).
ويُذكر أنَّ جمعاً غفيراً من الرهبان قد حضر حفل التدشين هذا، قادمين من بلاد ما بين النهرين وسوريا ومصر وأقاليم أخرى، ومابين 40 الى 50 اسقفاً. لا بل أن هناك من ذهب إلى القول بأنَّ حضور الإحتفال كان إلزامياً والتخلُّف عنه كان بمثابة خطيئة جسيمة...).
أما في (ق7) فقد حدث وأنْ دخلت جيوش كسرى ملك الفرس إلى أورشليم ظافراً، وتم أسر الألوف من المسيحيين وفي مقدمتهم البطريرك زكريا، وأُضرِمت النار في كنيسة القيامة والكنائس الأخرى بتحريض من اليهود القاطنين في أورشليم، ونجا الصليب المكرَّم من النار بهمّة المؤمن يزدين الكلداني، لكنهم أخذوه غنيمةَ مع جملة ما أخذوا من أموال وذهب ونفائس إلى الخزانة الملكية. وبقي الصليب في بلاد فارس حوالي 14 سنة.
ولما انتصر هرقل الملك اليوناني على الفرس، تمكَّن من إسترداد ذخيرة عود الصليب أيضا وكان ذلك سنة 628. فأتى إلى القسطنطينية التي خرجت بكل مَن فيها إلى استقباله بالمصابيح وتراتيل النصر والابتهاج ثم أُعيد الصليب إلى أورشليم من جديد. ومنذ ذلك الحين بقي الصليب في أورشليم. فيما تبقى من زمن، فان الملوك والأمراء والمؤمنين المسيحيين بعد ذلك بدأوا يطلبون قطعاً من الصليب للإحتفاظ بها كبركة لهم ولبيوتهم وممالكهم. وهكذا لم يتبقَ في يومنا هذا من خشبة عود الصليب الاصلية الا قطعتَين، الأولى لا تزال في أورشليم، والثانية في كنيسة الصليب المقدس في روما.
الخوراسقف فيليكس الشابي
سان دييكو 13 ايلول ، 2008
..................
† عيد الصليب †
أرسلتْ بان فكتور هنودي، من الإمارات، هذه السياحة البانورامية في الصليب، لمناسبة إحتفال المسيحية بعيد الصليب في الرابع عشر من أيلول كل عام.
يسرني دعوة القراء الكرام لمشاركة بان في هذه السياحة، فتحسّس معاً معطيات هذا العيد العظيم، فنعيش بعمق هذه الكلمات.
في هذهِ الأيام المباركة نتذكرعيداً ليس ككل الأعياد؛ إنه
† عيد الصليب †
العيد الذي به نحتفل بوجود رمز خلاصنا ونتذكر في هذه الايام قصة حبٍ عظيمة ما عرف تاريخ البشرية مثلها هذه مناسبة لنتذكر ذاك الذي حرَّرنا بحبٍّ وقبلنا بذراع ممدودة على خشبة وجِراحٍ مؤلمة كانت تتجسد فيها كلماته وحياته ورسالته وحبُّه لنا جميعاً.
وهي دعوة لنبحث فيها مع الملكة هيلانة من جديد عن الصليب الممجَّد في حياتنا ونحتفل بإنارة الأضواء في دواخلنا.
وإشعال النيران في قلوبنا، نيران الحقيقة، نيران الحب،نيران التضحية والغفران. ولنطلب من الرب معاً أن يساعدنا فنحمل صُلباننا ونسير بثقة وسط الجموع، ونحتضنها بحب وفرح ونرفعها حتى نُرفعُ عليها لنكون على غرار ذاك الذي أحبَّنا وأسلَم ذاته بتواضع معلَّقاً على الصليب، ليقول لكلِّ واحدٍ منا:
هذا ما أقصده عندما أقول لك إنّي أحبُّك.
نستمع إلى الأب الأقدس يتحدَّث عن :
إشارة الصليب تتضمن خلاصة الإيمان المسيحي
بقلم روبير شعيب
لورد، الأحد 14 سبتمبر 2008 (استهل الأب الأقدس عظة القداس الاحتفالي في لورد صباح اليوم الأحد بهتاف للقديس أندراوس الكريتي: "كم هو عظيم أن نملك الصليب! من يملك الصليب، يملك كنزًا"، وبما أن زيارته للورد اليوم توافق عيد ارتفاع الصليب المقدس توقف الأب الأقدس في القسم الأول من العظة على الكلام عن الصليب وارتباط ظهورات لورد في هذا السر.
وأشار بندكتس السادس عشر أن إنجيل اليوم يكشف لنا المعنى الحقيقي لسر الصليب: "هكذا أحب العالم حتى إنه وهب ابنه الوحيد، لكي ينال البشر الخلاص"، بصليب المسيح نلنا الخلاص: "أداة الحكم بالموت التي أظهرت نهار الجمعة العظيمة، حكم الله على العالم، باتت منهل حياة وغفران ورحمة، علامة مصالحة وسلام"
فعندما ننظر إلى الصليب "نعبد ذلك الذي أتى لكي يرفع خطيئة العالم ولكي يهبنا الحياة الأبدية". والكنيسة تدعونا إلى أن "نرفع بفخر هذا الصليب المجيد لكي يتمكن العالم أن يرى إلى أي حد توصل حب المصلوب للبشر"، "تدعونا لكي نشكر الله لأنه من شجرة تحمل الموت، ظهرت حياة جديدة".
رسالة لورد
وفي لورد، توكل إلينا مريم هذا السر العظيم وتدعونا إلى الالتفات صوب ابنها. وذكر البابا أنه بدءًا من الظهور الأول لبرناديت، كانت مريم العذراء تبدأ اللقاء بإشارة الصليب. وشرح قائلاً: "هذه البادرة هي أكثر من مجرد إشارة، إنها الإعداد على أسرار الإيمان الذي كانت برناديت تتلقاه من مريم".
وتابع: "إشارة الصليب هي نوعًا ما خلاصة إيماننا، لأنها تقول لنا كم أحبنا الله؛ تقول لنا أن في العالم حب أقوى من الموت أقوى من ضعفنا وخطايانا. الحب أقوى من الشر الذي يهددنا".
في لورد، "تذكرنا مريم بسر شمولية حب الله للبشر. تدعو كل البشر ذوي الإرادة الصالحة، كل الذين يتألمون في قلبهم وفي جسدهم، إلى رفع عيونهم نحو صليب يسوع لكي يجدوا منهل الحياة، ومنبع الخلاص".
وهدف الاحتفال بيوبيل ظهورات السيدة في لورد هو "الدخول في مسيرة إيمان وتوبة". "تأتي مريم اليوم نحونا لكي تبين لنا السبل لتجديد حياة جماعاتنا وكل منا. عبر قبولنا ابنها الذي تسلمه إلينا، نغوص في نبع حي يستطيع فيه الإيمان أن يجد عزمًا جديدًا، وحيث تتقوى الكنيسة لكي تعلن بشجاعة أكبر سر المسيح".
تقاليد الإحتفال بعيد الصليب
في الرابع عشر من أيلول كل عام.
عادات وتقاليد احتفالية
ولهذا العيد طقوس خاصة ومنها إشعال النار . فإشعال النار على رؤوس وقمم الجبال وسيلة إتصال للمسافات البعيدة، فكل منطقة ترى النار مشتعلة تقوم بإشعال النار في منطقتها إلى أنْ يصل الخبر إلى الجهة المقصودة. لذلك تم بهذه الوسيلة إبلاغ الملكة هيلانة بنبأ العثور على صليب المخلص. هكذا صار إيقاد شعلة النار تقليداً للإحتفال بعيد الصليب لدى المسيحيين في كل مكان وزمان
وتختم بان هنودي سردها للرواية بالقول:
واخيراً أطلب منكم الصلاة لأجلي
وأترككم في حماية صليب الحُب
††††
مع الأستاذ يقين الأسود
الصليب وعيده ونشيده الذي نظَمه الأستاذ يقين الأسود
نشر سالم إيليا من كندا، بتاريخ 13 أيلول 2998 وعلى صفحات موقع (قناة عشتار الفضائية) موضوعاً بالعنوان أعلاه، أورد فيه نشيد الصليب الذي نظمه وأنشده الأستاذ يقين الأسود، جاء فيه:
وفي لقاء مُسجّل بين الأب الفاضل المرحوم فيليب هيلاي والأستاذ المرحوم المؤلف يقين الأسود في يوم الاثنين 23 / 9 / 1991 ، تطرَّق الأستاذ يقين الأسود إلى نشيد نظَمهُ عن الصليب ، بناء على طلب المرحوم المطران جرجس قندلا عندما كان كاهناً على أبرشيّة مار توما للسريان الكاثوليك في الموصل في الخمسينيات من القرن الماضي وكان رئيساً لأخوية الصليب أن يَنظُم له نشيداً عن الصليب فكان هذا النشيد
عودُ الصليبِ الأوحَدُ رمزُ المسـيح ِ الأمجــدُ
هلُمَّ بنا أيها الإخوانْ صلّوا وعظِّموه في كلِّ أوانْ
عُلِّق عليه إبنُ الإنسانْ وهو المسيح إبنُ الرحمَنْ
ما أحلى الصليبْ
خشبة ٌ هي رمزُ الشرْ أُعدّت ليسوعَ البارْ
يا شعبَ المسيح إليهِ انصتوا وأنفاسَكم لهُ أ ُوقفوا
بتجلةٍ بهِ اُهتفوا وهو بكم دوماً يرأفُ
الإبنُ الحبيبْ
أيُّها الصليب زِدْ إيمانَنا أضرِم نارَ حُبِّكَ بنا
وفِّق الشباب كي يُجاهدوا لنشر ِ إسمك ويتَّحدوا
وقُسُسُكَ الأماجد ليتَّفقوا ويعضُدوا
أيها الصليبْ.
وقد لحنّهُ مؤلفهِ الأستاذ الفاضل المرحوم يقين إيليا الأسود على لحن مارش فرنسي قديم .
أشكر أبنتنا العزيزة بان هنودي، وأشكر الأخ سالم إيليا.
فتحية للصليب الذي أصبح رمزاً للسلام والمحبة بعد أن كان رمزاً للشر والجريمة وتحية لعيده ، وتحية لذكرى مؤلف نشيد الصليب الأستاذ يقين الأسوَد، الذي أحتفظ لهُ بالتسجيل الكامل للمقابلة بينهُ وبين الأب المرحوم فيليب هيلاي .